مُحَامي الشَّعب
في رثاء الصديق والأخ والمحامي الكبير الأستاذ سليمان الياس سليمان (ابو عصام) في الذكرى السنوية على وفاتة - أصله من قرية "الرامة" الجليلية.. قرية الشاعر الكبير المرحوم سميح القاسم وقد سكن في مدينة حيفا فترة طويلة ... وكان رئيسا فخريا لرابطة الكاراتيه شوطوكان - والتي كان يرأسها ويديرها بطل الكاراتيه الدكتور جعفر ناصر الدين، وكنت أنا عضوا فيها.
يا رفيقي نحو السُّهَى والمَعالي خُضْتَ طولَ السنينَ دربَ النّضالِ
وَلِدَمْعِ الضّعافِ مِنْ أجلِ حَقِّ كم طويتَ الدُّنَى بحربٍ سجالِ
مَعْلَمًا كنتَ في طريقِ كفاحِ... يا أبِيَّا قد ضَمَّ اسْمَى الخصالِ
قُدوةٌ أنتَ للمحامينَ تبقى للطريقِ القويمِ خيرَ مثالِ..
أنت أستاذي مُرشدي وَمناري في خِضَمِّ الحياةِ نحوَ الكمالِ
ويَراع كرَّسْتهُ للهدى وال النورِ .. دوما يشعُ مثلَ اللالي
بكتاباتٍ جسًّدْتَ وضعنا ...عا لجتَ فيها ما كان من إهمالِ
وحديثٍ ينسابُ شدوَ كنارٍ هو زادُ النفوسِ دونَ ملالِ
كم قضايا كسبتها بكفاحٍ وحقوقٍ أرجعتَ رغم المحالِ
خضتَ دربَ الحياةِ في كلِّ عزمٍ لا تبالي لنائِباتِ الليالي
وقطعتَ السنينَ كدّا وجهدًا أنت لم تحفل بالضنى والكلالِ
كم فقير ٍ وبائس ٍ وحزينٍ فيهِ أنعشتَ الروحَ بعدَ الذّبالِ
كلُّ مظلومٍ أنتَ ساندتَهُ ، لا تتوانى عن حقِّ ذات الحجالِ
أنتَ ركنُ الضعافِ ثم المساكي ن.. وعنهم بدَّدْتَ من أهوالِ
وقضايا التأمين أنت لقد كن تَ لها خيرَ ذائِدٍ في النزالِ
إن معنى الإباءِ فيكَ تجلَّى قيمٌ قد فاقتْ حدودَ الخيالِ
وكلامٍ كالدر عذبٍ جميلٍ قولُكَ الفصلُ فاقَ كلَّ مقالِ
أنت للعلم شعلةٌ من ضياءٍ فيك تعلو الصروحُ دون اختلال
كنت شيخَ المحامين من دو نِ مِراءٍ اُلبِسْتَ ثوبَ الجلالِ
ومنارَ الاجيال نهجًا وفكرًا فيك ما قد نرجوهُ من آمالِ
وخبرتَ الحياةَ طولا وعرضا ووزنتَ الأمورَ أحسنَ حالِ
كنتَ تمحُو عن فكرنا كلَّ حزنٍ وتُلَبِّي في الحقِّ كلَّ سؤالِ
للمدى أستاذُ المحامينَ تبقى لا تجارَى في القولِ ثم الفعالِ
ولأجل المبادىءِ الذُدْتَ عنها قد بذلتَ النفيسَ من كل غالِ
قيمٌ قد حاربتَ من اجلها دوما طوالَ السنين دونَ اختزالِ
وأنرتَ الطريقَ في كل خطبٍ أنتَ حطمتَ سائرَ الاقفالِ
وزرعتَ البذارَ في أرضِ شوكٍ كان خصبًا قد فاقَ كلَّ غلالِ
كنت في صالاتِ المحاكم رِئبا لًا جسورًا... بُوركتَ من رئبالِ
انت لم تغرِكَ الوظائفُ حتى منصبَ القاضي عُفتَ بعد نوالِ
وتعلمنا منك كلَّ إباءٍ.. كيف نبغي الصعودَ نحو الأعالي
إنها الدنيا في ثيابِ رياءٍ زيفها يغرينا بكلِّ مَآلِ
أنت عاركتها صغيرًا وكهلًا وعجمتَ الايامَ في استبسالِ
كنت لحنًا مدى الحياة جميلا يتهادى باليُمنِ والإقبالِ
طلعةَ الفجرِ في محيَّاك نلقى ونشيدَ الخلودِ في استرسالِ
أنت صوتُ الضميرِ في زمنٍ قد عزَّ فيهِ صوتُ الضميرِ المثالي
أيٌّ مجدٍ ومن سناكَ تجلّى لم يُعانق ثغرَ الظبى والعوالي
أنت روح التجديدِ في الفكر والإبْ داعِ...والغيرُ ظلَّ في الأسمالِ
قد عشقتَ الفنونَ من كلِّ لونٍ وتذوَّقتَ الشعر دونَ ابتذالِ
إن شعري أحببتَهُ بهيامٍ وهو يختالُ في ثيابِ الجمالِ
فسلكتُ الجديدَ فحوًى وفنٌّا وتركتُ الرديئَ... بلْ كلَّ بالِ
وأخذتُ العروضَ ثوباً مُوَشًّى ليضمَّ الجمالُ كلَّ مجالِ
نحنُ عصرُ التصنيعِ والتيكنلوجيا ليسُ يجدي الوقوفُ بالأطلالِ
أنت أستاذي في انطلاقٍ وفكر ٍ عنكَ فكري هيهاتَ يوماً بسالِ
إنه الموتُ غادرٌ وغشومٌ هزَّنا الموتُ بعدَ راحةِ بالِ
ما لمخلوقٍ أن يردَّ المنايا فمصيرُ الأحياءِ نحوَ الزوالِ
لو بإمكاننا... بذلنا جميعا كلَّ ما يُقتني مِنَ الأموالِ
قطفَ الموتُ كلَّ زهرةَ روضٍ لم يُفَرِّقْ ما بين عمٍّ وخالِ
إنَّ أيدي المَنونِ لا تتوانى أخذتْ نبعَ الفكرِ خيرَ الرجالِ
يا صديقي أبا عصامٍ وداعا بدموعٍ جرَتْ كنبعٍ زلالِ
قد فقدناكَ في شموخِ عطاءٍ فانطوَى سفرُ العمرِ قبلَ اكتمالِ
قد فقدنا بفقدِكَ النورَ والإشْ راقَ والعيشَ الحلوَ.. بعد انذهالِ
وتركتَ الأصحابَ في ثوبِ حزنٍ ومُحِبُّوكَ فوجِئوا بارتحالِ
كلَّ حزنٍ يبيدُ يوما وذِكرا كَ ستبقى مدى الدهورِ الطوالِ
أنتَ حيٌّ في كلِّ خفقةِ نبض ٍ أنتَ فينا رغمَ الخطوبِ الثقالِ
لم تمت لا... ذكراك دومًا ستبقى خالدٌ أنتَ في جميلِ الفعالِ
كنتَ نهرًا وفي العطاء غزيرًا كم سقينا من مائِهِ السَّلْسَالِ
وكنوزٍ تركتَ من كلِّ لونٍ للمدى ... بالإبداعِ والاعمالِ
فإلى جنَّةِ الخلودِ انتقالاً مع جميعِ الأبرارِ في الأحمالِ
أيها الراحلُ المقيمُ سلامٌ قد تركتَ الأحبابَ في بلبالِ
أنت في فردوسِ الجنانِ خلودا والدُّنَى ما زالتْ بقيلٍ وقالِ
لن أقولَ الوداعَ...بل أنتَ حيٌّ مع جميعِ الأحرارِ والأقيالِ
خالدٌ أنت في أريج دياري خالد للمدى خلود الجبالِ
وستبقى طولَ الزمانِ منارًا في بلادي وقبلةَ الأجيالِ