فيروز "جارة القمر" في عامها التسعين... وردة لك من "القدس العتيقة"
انها اللبنانية الولادة المقدسية الهوية نهاد حداد، انها فيروز العرب التي أطفأت شمعتها التسعين في العشرين من الشهر الحالي، في وقت يشهد وطنها إطفاء شموع حياة أبنائه في جنوبه وضاحية بيروته وبعلبكه. انها فيروز التي لم تتنازل وتغني لزعيم عربي مثل بعض منافقي الغناء، الذين وصل بهم التملق حد تأليه الحاكم، بينما "عصفورة الشرق صوت الأوطان" قطعت على نفسها عهدا أن تعني لعواصم عربية وشعوبها وليس لحكامها. انها فيروز التي غنت للقدس ودمشق وبغداد وبيروت، وتجاهلت " أولاد" الجامعة العربية الذين هم وبحق "أولاد القح.." كما وصفهم الصديق الشاعر العراقي الراحل مظفر النواب.
هي فيروز صاحبة التسعين عاماً "سيدة الصباح صاحبة الصوت الملائكي" وهي فيروز التي كان لي شرف اللقاء بها مرة واحدة في حياتي المهنية، وهي المرة اليتيمة التي لا تزال عالقة في ذهني لصاحبة الصوت الساحر. كيف لي أن لا أكتب عن اليوم التسعين لميلاد فنانة غنت لبلادي وشعبي وغنت لمدننا: القدس، يافا وبيسان، والتي قالت لي وقت استقبالها لي:"أهلاً بفلسطين".
يا سادة، يا عرب من المحيط الى الخليج، الذين تركتم غزة للغزاة ينهشون بلحمها وتنظرون إليها كيف تتلوى بنار المعتدي عليها ولا تحركون ساكناً مثلما كنتم تنظرون الى القدس "عروس عروبتكم التي أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها ووقفتم تستمعون وراء الباب لصرخات بكارتها"
يا سادة يا عرب، التفتوا (من باب العرفان بالجميل) لفيروز القدس وفيروز عواصم العرب في عيدها التسعين. وإذا كانت السياسة لم تجمعكم في موقف واحد، فعلى الأقل أخلاقيا قدموا التهنئة لفيروز "الآن الآن وليس غدا". هي فيروز يا سادة الفنانة العربية الوحيدة التي قدمت للعالم العربي ألبوماً عن القدس عام 1971 أطلقت عليه "القدس في البال" تضمن أغنيات خاصة بمدينة المسجد الأقصى وكنيسة القيامة: القدس في البال، سنخرج يوماً، زهرة المدائن، القدس العتيقة، سيف فليشهر، يافا، بيسان وسنرجع يوماً.
إنها فيروز يا سادة، التى مررنا معها بالقدس العتيقة، وغنت لقدس فلسطين "زهرة المدائن" وليس لـِ" عباس السلطة" وهي فيروز التي غنت لمكة وأهلها "غنيت مكة" وليس لـِ "سلمانها" وهي فيروز التي غنت لدمشق“سائليني يا شآم حين عطرت السلام" وليس لـِ"أسدها" وهي فيروز التي غنت لمصر "يا شط اسكندرية" وليس لـِ "سيسها"، وهي التي غنت للجزائر وجميلة بو حيرد "جميلة، صديقتى جميلة، تحية إليكِ حيث أنتِ "وليس لـِ مفّلق الجزائر "بو تفليقة"، وهي التي غنت لبغداد "دار السلام" وليس لزعرانها الذين اغتصبوا بغداد عام 2003.
هي فيروز التي قدمت للشعب الفلسطيني فنيا ودعما معنوياً، لم يقدمه أي فنان غيرها، وهي فيروز التي كانت أول من زارها الرئيس الفرنسي ماكرون خلال زيارته لبيروت عام 2020 مفضلاً إياها على كل ساسة لبنان وقلدها وسام "جوقة الشرف" برتبة فارس أرفع وسام شرف في فرنسا.
كل عام وأنت بخير يا أيقونة العرب
كل عام وأنت وزهرة المدائن وشوارعها العتيقة بخير