تحميل...

بين الجاسوسية والعدالة: مواطنة العرب في إسرائيل تحت المجهر

صفوت فريج
نُشر: 19:07

في عنوان مثير نشره موقع N12 الإسرائيلي، تمّ الكشف عن "تهديد حقيقيّ لأمن إسرائيل"، بعد اتّهام 34 إسرائيليًّا بالتجسّس لصالح إيران، في سياق يبدو أنه يتّسع يومًا بعد يوم. هذا التطور يشير إلى تحوّل نوعيّ في طبيعة المواجهة بين طهران وتل أبيب، من حرب سيبرانيّة إلى تجنيد مباشر داخل المجتمع الإسرائيليّ، وهو ما يُعَدّ اختراقًا خطيرًا لأمن الدولة الداخلي.

لكن خلف هذه القصة الأمنية، تتكشّف أسئلة أكثر عمقًا: من هم هؤلاء المتّهَمون؟ وما هي الخلفيات الاجتماعية والسياسية الّتي سمحت بتجنيدهم؟

العرب تحت طائلة قانون بوجهين

رغم خطورة القضية، إلا أنّ التمييز في المعاملة القانونية بين المواطن العربي واليهودي في إسرائيل لا يزال واضحًا. فالعربي، بمجرد الاشتباه، يُعامل كمجرم محتمَل، ويُعتقل دون محاكمة لفترات طويلة، مع حرمانه من الحدّ الأدنى من الحقوق القانونية.

أما المواطن اليهودي، وخاصة المنتمي إلى التيارات اليمينية، فيُعامل بحذر و"تفهُّم"، وتُراعى ظروفه النفسية والاجتماعية، حتى في قضايا أمنية كالتجسس أو التحريض. 

لوائح الاتهام تُقدَّم بسرعة للعرب، بينما يُخفَّف الحكم أو يُغلق الملف لليهود.

الإعلام يعمّق الفجوة

تلعب وسائل الإعلام العبرية دورًا بارزًا في شيطنة العربي وتبرئة اليهودي. فبينما يُصوَّر العربي كخطر وجودي، يُقدَّم اليهودي المتّهم كضحية ظروف، حتى لو ارتكب جريمة تمسّ أمن الدولة. وهذا التحيّز الإعلامي يُعيد إنتاج الفجوة في التعامل .

المواطنة المشروطة: أزمة ثقة وهوية

ما يجري يُشير إلى أن المواطن العربي في إسرائيل، رغم حمله للجنسية، لا يُعامل كمواطن كامل الحقوق. بل يُنظَر إليه كخطر محتمل، وتُراقب نيّاته، ويُحاسب بقسوة. في المقابل، يُمنح المواطن اليهودي مساحة أوسع من الشكّ والرحمة، حتى في الملفات الأمنية.

تجنيد إيراني واسع داخل إسرائيل ليس مجرد خلل أمني، بل عرض لأزمة أعمق في بنية المجتمع الإسرائيلي، حيث يُدفع المهمَّشون إلى الهوامش، وتُعامل فئة من المواطنين كأغراب في وطنهم.

وإذا لم تعالج إسرائيل هذا الخلل البنيوي في العدالة والمساواة، فقد لا يكون التجسّس آخر مظاهر الانكفاء والتراجع في العلاقة بين الدولة ومواطنيها.

...