الله يراني
يا من ترى في القلب أسرارًا تتناثر
في ظلمة الليل، وفي أفق السحر،
وفي ضوء الشمس إذا غابت الأنوار،
وفي زهر الفجر إذا نبتت الأزهار،
يا من تسمع همسات الرياح،
وتدرك ما في الصدور من أسرار!
الله يراني…
عندما أضحك والدمعة في العين مخبأة،
وعندما أصمت والكلام في فمي عالق،
وعندما أمد يدي نحو السماء،
وأغمض عيني منتظرة معجزة اللقاء.
أنت الذي ترى ما في القلب من ألمٍ خفي
وترى شعاع الأمل يضيء بين الجفن والقرطاس.
الله يراني
حينما أتعب من الحلم ومن الحياة،
وأنسحب في عزلتي، في ظلال الصمت،
حينما أتوه في دروبٍ مظلمة،
وأحتاج ليدٍ تُنير لي الطريق.
فأنت، يا غافرَ الذنوب،
ترى نزف روحي وتواسيها بالصبر.
وأنت وحدك من يعرف كم أحتاج
لكلماتٍ تزرع في النفس الطمأنينة،
وأنت وحدك من يحصي خطواتي،
ويقرأ ما في الذاكرة من أبعادٍ سحيقة.
الله يراني في صلاتي، وفي سكوني،
وفي جُرحٍ لا أقدر على شفاءه.
ترى آمالي تكبر مع الزمن،
وخيباتي تتناثر كالورود في الهواء.
لكنني لا أخشى، ما دامَ "أنت" قريبًا
تراني، وتسمع دعائي، وتعلم بحالي.
يا من في عيون الناس غائبٌ،
وفي قلبي حاضرٌ.
يا من لا تخلّف وعدًا،
ولا تغفل عن عباده،
يا من كنتَ لي في البُعد أقرب من نفسي،
وفي القرب أرحم من براءة طفلٍ في حضن أمه!
الله يراني،
في كل لحظةٍ وكل دقيقة،
في كل ضحكةٍ وكل دمعة،
في كل فجرٍ وكل غروب،
فأنت الأقرب من أي فكرة،
أنت الأمان حين يتيه الناس.
اللهم اجعلني في عينك دائمًا،
واغفر لي ما خفي من أمرٍ،
ما بيني وبينك يا أرحم الراحمين.