خازن عبود… شاعر سخنين وصوت الأرض
خازن عبود… شاعر سخنين وصوت الأرض
بقلم: غزال أبو ريا
شكر وتقدير
كل الشكر والتقدير لعائلة الشاعر خازن عبود، ولجميع من ساهم في إبقاء اسمه حيًا في ذاكرة سخنين الثقافية والوجدانية. الشكر موصول كذلك للمؤسسات التربوية والثقافية التي تحتضن إرثه، وتنقله للأجيال القادمة، لأن الحفاظ على الكلمة الصادقة، هو في جوهره حفاظ على هوية الناس ومكانهم.
من هو خازن عبود؟
————————-
خازن عبود، شاعر فلسطيني من مواليد مدينة سخنين سنة 1924عاش سنوات من حياته في لبنان وتوفي في لبنان سنة 2004.حيث كتب بعضًا من أروع قصائده في المهجر، وهو بعيد عن مدينته التي لم تغب يومًا عن قلبه أو قلمه. تميز شعره بالبساطة العميقة، والانتماء الصادق للأرض، والالتصاق بالإنسان العادي، لا سيما الطفل والفلاح واللاجئ.
من أبرز قصائده: “فلنبني سخنين” التي غناها الفنان الكبير وديع الصافي، و*“أنا الفلاح”*، وقصائد وجدانية أخرى كتبت في الحنين والغربة.
في الذاكرة الثقافية لسخنين، وفي وجدان أهلها، يسطع اسم خازن عبود، لا كشاعر فحسب، بل كصوتٍ صادقٍ حمل وجع الأرض، ودفء الحنين، ووهج الانتماء. شاعرٌ ولد من تراب هذه المدينة، وكتب لها، عنها، وباسمها، لتكون سخنين في شعره ليست مكانًا فحسب، بل حالة شعورية كاملة، تختصر الوطن والإنسان.
فلنبنِ سخنين.
———————
ليست صدفة أن تغنّى وديع الصافي بكلمات خازن عبود “فلنبني سخنين”، بل لأن القصيدة ولدت من رحم الحلم الجماعي، من إرادة الصمود والبناء رغم القهر والتهميش. “فلنبني سخنين” لم تكن مجرّد قصيدة، بل نشيدًا داخليًا يحمله أبناء المدينة، كبارًا وصغارًا، في قلوبهم.
عبود كتبها لتكون مشروعًا لا ينتهي… بناءً ثقافيًا، أخلاقيًا، إنسانيًا، تربويًا. لم يكن البناء عنده حجارةً وإسمنتًا، بل روحًا، قيمًا، ووفاءً للتاريخ والجذور.
أنا الفلاح… وأنت الأرض.
—————————-
واحدة من أروع قصائد خازن عبود، كانت موجهة للأطفال في بستان الشام – سخنين، بعنوان “أنا الفلاح”. هذا النص ليس فقط تربويًا، بل أدبيًا بامتياز، فيه من البساطة والعمق ما يجعله جسرًا بين الطفولة والتاريخ، بين البراءة والانتماء.
الشاعر هنا لا يكتب من برجٍ عالٍ، بل ينزل إلى الحقل، إلى التراب، إلى المدرسة، إلى الطفل، ويقول له: “أنت امتدادنا، فاحمل المعول والكلمة، وازرع الحرف كما تزرع الزهرة.”
شاعر الغربة والحلم.
—————————
في بيروت كتب خازن عبود قصيدته التي تبدأ بـ:
“هل تذكرين ضيعتي، والمنحنى والرابية، والحقل والمشوار والغناء تحت الدالية”
كأنّه كان يرسم سخنين بحنين المشتاق، لا بعد المسافات، ولا قسوة الزمن، أطفأت نار الشوق في قلبه. ظلّت سخنين له ليست جغرافيا فقط، بل حالة وجدانية، ينام على حلمها، ويصحو على صورتها.
تكريم مستحق.
——————
في العام 2011، كرّمت بلدية سخنين بمبادرة رئيس بلدية سخنين مازن غنايم ،الناطق بلسان البلدية د غزال أبو ريا ومؤسسة الأسوار الشاعر خازن عبود في أمسية أدبية مؤثرة، بحضور شعراء ومثقفين، أبرزهم سميح القاسم. كان لقاء الذاكرة بالحاضر، لقاء القصيدة بالناس، لقاء الوفاء بالمحبة.
في تلك الأمسية، أهدى القاسم عائلة عبود قصيدةً بخطّ يده، وفيها إشادة بصاحب “فلنبني سخنين”، وبتلك الروح التي لا تنكسر. طلاب المدارس أنشدوا من شعره، وغرّدت سخنين مجددًا باسمه، شاعرًا وابنًا وفيًا.
كلمة الختام.
——————
خازن عبود لم يكتب شعرًا ليقال فقط… بل لنعيشه. حمل سخنين في قصائده كما تُحمل الأم طفلها: بحنان، برغبة في الحماية، وبخوف من الغياب. واليوم، تبقى أشعاره تنبض في ذاكرتنا، وتدفعنا لنكمل الطريق: في التربية، في الانتماء، وفي حبّ هذه المدينة التي أنجبت الشعر والشهداء. سخنين أمثولة للوفاق ،يعانق هلالها صليبها، بلد التسامح والعيش المشترك،عائلة واحدة متماسكة، بلد من يدخلها يصبح ابنها ويطيب العيش في سخنين.
رحمك الله يا شاعر سخنين… سنبنيها كما حلمت، حجارةً وكلمات.