مرشد خلايلة… صوت الحكاية الفلسطينية
مرشد خلايلة… صوت الحكاية الفلسطينية
بقلم: غزال أبو ريا – مدير المركز القطري للوساطة
في ذاكرة سخنين، تتردد أسماء لا تزول، أسماء حملت همّ الأرض والإنسان، وارتبطت بوجدان الناس كجذور الزيتون في تراب الجليل. ومن بين تلك الأسماء، يسطع اسم الشاعر والكاتب مرشد خلايلة، الذي وُلد في سخنين عام 1943، ليكون صوتًا للحكاية الفلسطينية في الداخل، وكاتبًا نسج بالكلمة وجع الناس، وحلمهم، وانتماءهم.
مرشد خلايلة لم يكن مجرد أديب، بل كان معلمًا ومربيًا وصحافيًا ترك بصمته في كل مجال عمل فيه. عُرف بأسلوبه القريب من القلب، إذ امتزجت في نصوصه الفصحى بالعربية الشعبية، فبدت كتاباته وكأنها حكايات من نبض الشارع، ومن دفء البيوت، ومن قصص الناس العاديين الذين يحلمون بالحرية والكرامة.
أبرز ما يميز خلايلة هو صدقه الإبداعي، فقد كتب عن سخنين، عن الجليل، عن الأرض التي أحبها، وعن الناس الذين عاش بينهم. في مجموعته القصصية الشهيرة “حبيبتي جميلة كالخبز”، جسّد معاناة الإنسان الفلسطيني وآماله، مستخدمًا لغة مشبعة بالعاطفة، مفعمة بروح المكان.
إلى جانب أدبه، كان مرشد خلايلة صاحب دور مجتمعي أصيل، فقد علّم أجيالًا، وأشعل شمعة الوعي في نفوس الشباب، ودافع عن الثقافة والهوية الوطنية دون تردد أو خوف. وقد ترك أثرًا لا يُمحى في وجدان من عرفه، وقراء من لم يلتقوا به يومًا، لكنهم وجدوه في كلماته.
إننا في المركز القطري للوساطة نؤمن أن السلم الأهلي لا يُبنى فقط عبر فضّ النزاعات وإدارة الحوار، بل عبر ربط الناس بجذورهم الثقافية، وتعزيز الانتماء إلى الأرض والتاريخ واللغة. وتكريم شخصيات مثل مرشد خلايلة ليس فقط وفاءً للأدب، بل هو رسالة للأجيال القادمة بأن للكلمة دورًا في بناء المجتمع، تمامًا كما للوساطة دور في حماية نسيجه.
رحل مرشد خلايلة جسدًا، لكن إرثه باقٍ، لأنه انتمى للكلمة، وسكن الذاكرة، وكتب بصدق من أجل الإنسان.