تحميل...

عندما تتكلم المعدة: كيف يترجم الجسد الزعل والتوتر إلى ألم

د غزال أبو
نُشر: 23:12

بقلم:  د غزال أبو ريا

في محطاتي المهنية شاركت في دورات عديدة، وقبل نحو سنتين انضممت إلى دورة في مجال “التربية الصحية”، وقد أخذت منها الكثير لنفسي. ومن بين المواضيع التي أثّرت فيّ بعمق كان موضوع الغضب وتأثيره على الجسد.

في لحظات الغضب أو الحزن أو القلق، لا يتأثر القلب وحده، بل تتأثر المعدة أيضًا. هذا العضو الصامت الذي نحسبه مجرد جهاز للهضم، يحمل في داخله حساسية نفسية عالية، ويتحدث بطريقته الخاصة حين يضيق بنا الحال.

يؤكد الأطباء أنّ بين الدماغ والمعدة خط اتصال مباشر يُعرف بـ المحور الدماغي–المعوي. فعندما نعيش ضغطًا نفسيًا، يفرز الجسم هرمونات التوتر مثل الأدرينالين والكورتيزول، فتزداد حموضة المعدة وتضعف بطانتها الحامية. ومع الوقت، يتحول التوتر المستمر إلى ألم، حُرقة، أو اضطرابات في الجهاز الهضمي.

من هنا، يمكن القول إن المعدة تقاوم أولًا وتحاول حماية الجسم من آثار الزعل، لكنها تستسلم حين يطول التوتر ويغيب التوازن النفسي. فالغضب الدائم، والكبت، وعدم التعبير عن المشاعر، كلها تؤذي المعدة كما تؤذي النفس.

السِّلم مع النفس… دواء خفي

يدعو المركز القطري للوساطة للسِّلم الأهلي وتسوية النزاعات إلى ممارسة السِّلم مع النفس قبل كل شيء.

فحين نتصالح مع ذواتنا، ونتعلم الإصغاء لأجسادنا ومشاعرنا، نصنع توازنًا داخليًا ينعكس صحةً في الجسد وهدوءًا في العلاقات.

إنّ السِّلم مع النفس ليس رفاهية، بل وقاية حقيقية من الأمراض ومن التوتر المزمن الذي يرهق المعدة والقلب والعقل.

كيف نحمي معدتنا ونقوّي مقاومتها؟

 • التوقف عن تناول الطعام أثناء الغضب أو التوتر.

 • ممارسة التنفّس العميق، التأمل، أو الخيال الموجّه لتفريغ الضغط الداخلي.

 • تقليل الكافيين والمأكولات الحارة والدهنية.

 • مشاركة المشاعر وعدم كبتها، فالكلام المعبّر أحيانًا أشفى من الدواء.

إنّ الصحة النفسية والجسدية وجهان لعملة واحدة. وعندما نختار الهدوء بدل الغضب، فإننا لا نحمي علاقاتنا فقط، بل نحمي أيضًا معدتنا وقلوبنا وحياتنا.

المركز القطري للوساطة يدعو كل إنسان إلى السِّلم مع ذاته، فالسِّلم الداخلي هو الأساس لكل سلام اجتماعي وإنساني.

...