قراءة في كتاب : مُنوّعات تُراثيّة إعداد بديعة رضا عوّاد عبلين صادر عن دار سهيل عيساوي للطباعة والنشر
في حُلّة قشيبة و بِ 94 صفحة من القطع المتوسط ، تطلّ
علينا الكاتبة بديعة رضا عواد من بلدة عبلين بكتابها الجديد
; منوّعات تراثيّة لتضع بين أيدينا كنزًا من عبَق التراث
الشعبيّ الفلسطينيّ ، جامعًا ما تفرّق بين الزغاريد والأغاني
والأمثال والقصائد .
هذا العمل ليس مجرد تجميع عشوائيّ ، بل هو توثيق رائعٌ
لملامح ذاكرة شعبيّة توشك أن تنزلق من بين أصابع الحداثة
السريعة او تنمحي ، فتأتي الكاتبة بديعة الينا في محاولة
صادقة لصوْنِها من الاندثار ، فألف اضمامة شكرٍ لها .
اختارت الكاتبة أن تُعيد الحياة إلى هذا التراث الحيّ ، الذي
كان يومًا لسانَ حالِ الأفراحِ والليالي المِلاح ، وصوتَ
الجدّاتِ في السهرات ، ووشوشةَ القيمِ النبيلةِ في الآذان
الصغيرة .
من الأغاني التراثية التي وردت في الكتاب نجد : نداء
الروح في على دلعونا ، والحزورة في يا سيسلَب يا
سيسلَب وفرح القلب في يا ظريف الطُّول وأصوات
الأمهات في زغاريد ترفع اسم العريس عاليًا ، وتُخلّد
لحظات الفرح في القلوب والذاكرة .
أما الأمثال ، فهي حِكَمُ الزَّمن ومرآةُ الحياة ، جمعتها الكاتبة
برهافةِ حسّ ، لتذكّرنا بأنَّ ما قيل في الأمس لا يزالُ يطرق
أبوابَ واقعِنا اليوم ، مثل : هُسّ يا كَذّابة ، وتحضَّرِي اسم الله
يا زينة .
القصائدُ تضيف نكهةً وجدانيةً أخرى ، بين نبض الأرض
والحبِّ والحنين ، وتكمل هذا النسيج التراثيّ الغنيّ.
وخُلاصة القول : إنّ هذا الكتاب ليس فقط لحفظ الذاكرة ،
بل هو رسالةُ حبٍّ ووفاءٍ للتراث ، ودعوةٌ لكلّ قارئ أن يعود
إلى الجذور، حيث أنَّ الكلمةَ مغزولةٌ من تراب وحبّ وحنان
، ومعطّرة بشذا الأيام الخوالي .; منوّعات تراثية; عملٌ يستحقُّ التقدير، وهو إضافة نوعيّة
في مسيرة حفظ التراث الشَّعبيّ الفلسطينيّ .
تحية للكاتبة العبلّينية التي نفتخر بها بديعة عواد على هذا
الجهد الجميل ، وتحية أخرى نزفّها لدار النشر تحت إدارة
اخي الكاتب والناشر الجميل سهيل عيساوي ؛ هذه الدّار
التي احتضنت هذا المشروع الملوّن والرائع .
